السبت، 18 أبريل 2009

على

لقد كانت لي جولة سريعة في ديوان الشاعر الشيخ عبدالله بن علوي بن محمد الحداد الذي عاش حتى النصف الأول من القرن الثاني عشر الهجري.. وقد حصلت من تلك الجولة على معلومة بأن الحداد كان ناظماً مبدعاً، وله أشعار رائعة جمعت في ديوان وسمي ب«الدر المنظوم لذوي العقول والفهوم»، وقد احتوى هذا على قصائد مطولة معظمها يتصف بالنصح والارشاد.. وقد سلك في بنائها مسلك الشعراء الذين فضلوا السير في بناء القصيدة على نمط الشعر الجاهلي وصدر الإسلام الذي قلما تجد فيه قصيدة لم تكن مقدمتها أبياتاً غزلية أو وصفاً للأطلال. والشاعر الشيخ عبدالله الحداد كانت له وقفات ممتعة في شعره الذي يأخذ باب القارئ ويحمله على مواصلة قراءة ما احتواه «الدر المنظوم لذوي العقول والفهوم» من قصائد ومنظومات حسان ذات نفس طويل. ولقد استوقفتني من تلك المطولات قصيدة بكى فيها على ذهاب أشياء كثيرة، خاصة منهاما يتعلق بتصرم أيام عمره تلك الأيام التي جدّ في ابداء أسفه على فقدانها دون أن يستفيد منها أو يكسب في مراحل مرور حياته بها شيئاً نافعاً يجده مدّخراً له. وقد سار بقصيدته تلك سيراً أشار فيه إلى أن بكاءه ماكان إلا على ذهاب كذا وعلى فوات كذا. وب «على» صدر أبياتاً كثيرة من تلك القصيدة تنوف على عشرين بيتاً متوالية منها قوله:
تفيض عيوني بالدموع السواكب
ومالي لا أبكي على خير ذاهب
على العمر إذ ولى وحان انقضاؤه
بآمال مغرور وأعمال ناكب
على غرر الأيام لما تصرمت
وأصبحت منها رهن شؤوم المكاسب
على زهرات العين لما تساقطت
بريح الأماني والظنون الكواذب
على أشرف الأوقات لما غبنتها
بأسواق غبن بين لاهٍ ولاعب
على صَرْ في الأنفاس في غير طائل
ولا نافع من فعل فضل وواجب
على ما تولى من زمان قضيته
وزجيته في غير حق وصائب
على فرصٍ كانت لو اني انتهزتها
فقد نلت فيها من شريف المطالب
من كتاب /الأدب المثمن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق